سورة الأنعام - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)}
{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} الفتنة هنا تحتمل أن تكون بمعنى الكفر، أي لم تكن عاقبة كفرهم إلا جحوده والتبرؤ منه، وقيل: فتنتهم معذرتهم، وقيل: كلامهم، وقرئ فتنتهم بالنصب على خبر كان واسمها أن قالوا، وقرئ بالرفع على اسم كان وخبرها أن قالوا {والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} جحود لشركهم، فإن قيل: كيف يجحدونه وقد قال الله ولا يكتمون الله حديثاً؟ فالجواب أن ذلك يختلف باختلاف طوائف الناس واختلاف المواطن، فيكتم قوم ويقر آخرون، ويكتمون في موطن ويقرون في موطن آخر، لأن يوم القيامة طويل وقد قال ابن عباس لما سئل عن هذا السؤال: إنهم جحدوا طمعاً في النجاة، فختم الله على أفواههم، وتكلمت جوارحهم فلا يكتمون الله حديثاً.


{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)}
{وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} الضمير عائد على الكفار، وأفرد يستمع وهو فعل جماعة حملاً على لفظ من {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} أكنة جمع كنان، وهو الغطاء، وأن يفقهوه في موضع مفعول من أجله تقديره: كراهة أن يفقهوه، ومعنى الآية: أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن إذا استمعوه، وعبر بالأكنة والوقر مبالغة، وهي استعارة {أساطير الأولين} أي قصصهم وأخبارهم، وهو جمع أسطار وأسطورة قال السهيلي: حيث ما ورد في القرآن أساطير الأولين، فإن قائلها هو النضر بن الحارث، وكان قد دخل بلد فارس وتعلم أخبار ملوكهم، فكان يقول حديثي أحسن من حديث محمد صلى الله عليه وسلم.


{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26)}
{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} هم عائد على الكفار، والضمير في عنه عائد على القرآن، والمعنى وهم ينهون الناس عن الإيمان، وينأون هم عنه أي يبعدون، والنأي هو البعد، وقيل الضمير في عنه يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى ينهون عنه ينهون الناس عن أذاه، وهم مع ذلك يبعدون عنه، والمراد بالآية على هذا هو أبو طالب ومن كان معه: يحمي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسلم وفي قوله: ينهون وينأون ضرب من ضروب التجنيس.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8